×
شرح كتاب الكبائر

الخصومات، فالبيِّنة على المدعي واليمين على من أنكر، فإذا حلف وهو كاذب ليأخذ مال أخيه في الخصومة فإنه كما قال الرسول: «إنَّما أَقْطَعَ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»([1])، وفي حديث أبي أمامة الذي سيأتي «يلقى الله وهو عليه غضبان»، ومن الذي يطيق غَضبَ الرب سبحانه وتعالى؟

وتكون اليمين الغموس في ثلاثة أمور، وهي: اليمين في الأخبار الكاذبة، واليمين في البيع والشراء، واليمين في الخصومات.

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقد جاء في الخصومات، ونزلت فيه هذه الآية الكريمة، وسبب النزول: أن رجلين اختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من المدّعي البيّنة، فلم يكن عنده بيّنة فقال له: «شاهِداكَ أوْ يَمينُه»([2])؛ أي: يمين صاحبه، قال: يا رسول الله يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن حَلَفَ على يمينٍ يستحقُّ بها مالاً، وهو فيها فاجرٌ، لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ» فأنزل الله تصديقَ ذلك، ثم اقتَرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ[آل عِمرَان: 77]  أي: ليس لهم نصيب من الجنة، وهذا وعيدٌ شديد، فهم ﴿لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ في الآخرة، ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يوم القيامة، ولا ينظر إليهم نظرَ رحمة وإكرام، ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمۡ: أي: لا يطهّرهم من ذنوبهم،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2680)، ومسلم رقم (1713).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2515)، ومسلم رقم (138).