×
شرح كتاب الكبائر

وأيضًا؛ ﴿وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ، فانظر إلى هذه العقوبات القاسية التي هي بسبب الحلف الكاذب، فلو أنَّ إنسانًا حلف كاذبًا وكسب القضية سواء كان ذلك في مال أو أرض أو في خصومة فماذا يساوي ما حصل عليه أمام غضب الله عليه وأمام هذه العقوبات؟

بل إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحصر الأمر في الأموال الكبيرة أو الأراضي الشاسعة، بل قال: «من اقتَطع مالَ امرئٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرَّم عليه الجنَّة» فقال له رجلٌ: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: «وإن كان قضيبًا من أراك»([1])، أي: عودًا من شجر الأراك الذي يستاك به الناس، فلا يجوز التساهل في اليمين في أيِّ أمرٍ مهما بَدا صغيرًا أو حقيرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِها مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبان»([2])، ولهذا يقول الله: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المَائدة: 89]، أي: لا تكثروا الحلف، فلا تحلفوا إلاّ عند الاضطرار، وحين تكون صادقًا فيما تحلَف به، أما الذي يكثر الحلف، فهو متساهل في حق الله سبحانه وتعالى، لا يُعظِّمه حق تعظيمه.

وقوله في حديث أبي أُمامة: «مَنِ اقتطع مال امرئٍ مسلم» أي: باليمين عند القاضي، أو أن خصمه طلب منه اليمين، فحلف وأخذ مال أخيه فهذا فيه وعيد شديد، وفي الحديث غلظ تحريم أَخْذِ حقوق المسلمين، وأنَّه لا فرق بين قليل الحق وكثيره في ذلك.

*****


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (137).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4549)، ومسلم رقم (138).