أو المراد أنها فتنة
لا تُبصر ولا تسمع فهي تفقد الحواسَّ، ولهذا فإنَّ أصحابها لا يسمعون، ولا يتكلمون
بخير، ولا ينظرون إلى ما فيه مصلحة الناس، وإنما يصرّون على نشر هذه الفتن دون
تراجع، أو قبول للنصيحة، ولو نظرنا إلى واقع الناس اليوم لوجدنا أن هذا الحديث
ينطبق عليهم، فأهل الفتن لا يقبل أهلها مناصحة، وإنما هم مندفعون في شرهم، سادرون
في غيِّهم.
وقوله: «من أشرفَ
لها استشرفت له» أي: مَن تطلَّع عليها جرَّته لنفسها، فلا يكون الخلاص منها إلاّ في
البُعْد عنها.
وقوله: « وإشراف
اللسان فيها» أي: إطالته بالكلام والخوض فيها «كوقوع السيف» في الحروب، بل هو
أشدُّ، لأنَّ السيف إذا ضرب قتل أو جرح واحدًا، وأمّا اللسان يصيب بأذاه خلقًا
كثيرًا.
ومن هنا فإنَّه من
الواجب على المسلم وقت الفتن أن يتكلّم بالحق، ويبيّن ذلك الحق، فإن لم يكن عنده
مقدرة على الكلام، أو كانت عنده تلك المقدرة لكنه مُنع من ذلك، فعليه أن يسكت، وإن
استطاع تكلّم بخير من أجل وَأْدِ الفتنة في مهدها.
وقوله: «إياكم والفتن،
فإنَّ اللسان فيها كوقع السيف» كلمة «إياكم» فيها تحذير، وقوله: «الفتنَ »منصوب على التحذير، والمراد:
احذر الفتنَ، والمشاركةَ في إيقادها ونشرها باللسان.
*****
الصفحة 3 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد