×
شرح كتاب الكبائر

وروى الترمذيُّ وحسَّنه: «لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ يَفتَخِرونَ بآبائِهم الَّذينَ ماتوا، وإنِّما هُم فحمُ جَهنَّمَ، أو لَيَكُونَنَّ أهوَنَ على الله مِنَ الجِعْلان، إنَّ الله أذْهَبَ عَنكُم عُبِّيَّةَ الجَاهِليَّةِ وفَخْرَها بالآباء، إنَّما هو مُؤمِنٌ تَقِيٌّ، أو فاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ من آدم، وآدَمُ خُلِقَ مِن تُرابٍ» ([1])  وعبِّيّة: بتشديد الباء وكسرها: الكبر والفخر.

****

يكون أرفع منك دينًا وتقوًى عند الله، فما ضرَّ بلالاً وصهيبًا وسلمان وخبّابًا أنهم كانوا مَوَالي، وما نفع أبا جهل وأبا لهب أنهما كانا من قريش، فمع كون أبي لهب من بني هاشم، لم ينتفع بنسبه هذا بسبب كفره، فالذي ينفع هو التقوى لا النسب.

فدلَّ الحديث على أنَّ عادات الجاهلية لا تنقطع فعلى المسلم أن يحذر منها كما دلَّ على أنَّ من كان فيه خصلة من خصال الجاهلية أنه لا يكفر.

قوله صلى الله عليه وسلم «لينتهين» بلام مفتوحة جواب قسم مقدر، أي: والله ليمتنعن عن الافتخار «أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا» على الكفر، وهذا بيان للواقع، «أو ليكونن أهون على الله من الجِعْلان» والجعلان جمع جُعَل: وهو دُويبة سوداء تلامس الغائط، وهذا يدلُّ على شناعة الافتخار والتكبر على الناس بالحسب والنسب، وكيف يفعل المسلم هذا وقد منَّ الله عليه بأن أذهبَ عنه «عُبِّيَّةَ الجاهلية» أي: نخوتها وكبرها، فالإنسان إمَّا مؤمن تقي أو فاجر شقي، يعني: الناس رجلان: مؤمن تقي، فهو الفاضل وإن كان وضيعًا، وفاجرٌ شقي فهو


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (5116)، والترمذي رقم (3995)، وأحمد رقم (8736).