×
شرح كتاب الكبائر

 الرابع: «النياحة على الميت» وهو إظهار الجزع والسخط عند موت القريب، وهذا مما لا يجوز، فعلى الذي يفتقد عزيزًا أن يصبر ويحتسب ويسترجع حتى ينال الرحمة، ولا بأس بالبكاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم بكى عند فراق ابنه، والله لا يعذب بدمع العين، ولكن يعذب أو يرحم باللسان، فالأصل في المسلم أن يصبر عند المصيبة ويستعين بالصلاة كما قال الله تعالى: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ[البَقَرَة: 45]، فلا يجزع ولا يأتي بالنائحات، لأن هذا يعد تسخطًا لقضاء الله وقدره، وهو من أمور الجاهلية، وهو موجود عند بعض المسلمين، ومن كان فيه شيءٌ من هذه الأمور الجاهلية كان عنده نقص في إيمانه.

ثُمَّ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ النائحة التي تنوح على الميت كما كانت عادة العرب، أنهم يستأجرون النوائح لضرب الخدود وشق الجيوب، وهذا العمل لا ينفع الميت بل يضره، ولا ينفع الحي، فالمصيبة قد حصلت ولن ترتفع بالنياحة، وإذا لم تتب هذه النائحة التي تعمل كبيرة من كبائر الذنوب، قامت يوم القيامة «وعليها سِرْبال من قَطِران»، وهو النحاس المذاب، و «درع من جَرَب»، وهو مرض جلدي، فيكون لباسها معذِّب لها وجلدها معذِّب لها، فهذه هي عقوبتها إذا لم تتب إلى الله، أما إن تابت فالله يتوب عليها، والله أعلم.

فدلَّ هذا الحديث على أن هناك خصالاً من خصال الجاهلية تبقى في بعض الناس، ذكرت في الحديث من باب التحذير حتى لا يقع فيها المؤمن، والشاهد منه الطعن في الأنساب، فالمرء الذي تحقر نسبه قد


الشرح