وقوله: «إذا خاصم فجر»
هذه من صفات المنافقين: أنه إذا خاصم كذب، أما المسلم فإنه إذا خاصم صدق، سواء كان
له الحق أو عليه، فالمسلم حتى وإن وقع عليه ظلم فلا يخرجه هذا عن تمسكه بأحكام
دينه، فلا يزور ولا يكذب من أجل أن تخرج القضية لصالحه، أما المنافق فيستخدم كل
الوسائل حتى غير المشروعة من أجل تحقيق مصالحه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «آية
المنافق ثلاث: إذا حدَّث كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤتُمِن خانَ، وإذا
خاصَمَ فَجَر، وإن صلَّى وصامَ وزَعَمَ أنَّه مُسلِمٌ»([1]).
وأما حديث ابن مسعود وعمر، وفيه: أنه «قال: من قال أنا مؤمن فهو كافر»، لأنَّ المسلم لا يزكي نفسه، فمن قال: أنا مؤمن فهو كافر، يعني: الكفر الأصغر، ومن حكم لنفسه أنه في الجنة فهو في النّار، لأنه لا يدري ماذا تكون عاقبته، وهو كذلك لا يدري ما عنده من العمل الذي يؤهله لدخول الجنة؟ وهذه الصفة هي صفة اليهود والنصارى الذين قال الله عنهم: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ﴾ [البَقَرَة: 111] ﴿وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ﴾ [البَقَرَة: 80]، فالذي يدعي أنه سيدخل الجنة فقد شابه اليهود والنصارى، وكذلك لا يجوز للمسلم أن يشهد لغيره أنه في الجنة أو في النار، لأنه لا يدري ما عاقبتهم، إلاّ من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، لأننا لا ندري مآلات الأمور التي يؤول لها العباد، وفي الحديث أنَّ رجلاً قال: «والله لا يَغفِرُ الله لِفُلان، فقال الله: من الذي يَتَألَّى عَلَيَّ أن لا أغفِرَ لِفُلانٍ؟ فإنِّي قَد غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وأَحبَطْتُ عَمَلك»([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (33) ومسلم رقم (59).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد