×
شرح كتاب الكبائر

وقد قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ[الحُجرَات: 1]، فالواجب على المسلم أن يتأدب مع الله عز وجل ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف قَدْرَ نفسه ولا يزكِّيها، فلا يجوز له أن يدَّعي ما ليس له، لا من جهة العلم ولا من جهة العمل، وذلك من وجهين: الأول: أنه تزكية للنفس، وهو لا يعلم بماذا يُختم له، والثاني: أن فيه أمنًا من مكر الله، وقد قال تعالى: ﴿أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ[الأعرَاف: 99]، فما استثنى نبيًَّا ولا صدِّيقًا.

فمن قال: أنا في الجنة فهو في النار، ومن قال: أنا عالم فهو جاهل، لأنه حتى وإن كان عنده علم فإنَّ فوقه من هو أعلم منه، والله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا[طه: 114]، وهو القائل: ﴿وَفَوۡقَ كُلِّ ذِي عِلۡمٍ عَلِيمٞ[يُوسُف: 76]، وما أكثر الذين يدَّعون العلم اليوم ويفتون ويتكلمون بغير علم، وإنما يدَّعونه مجرَّد ادِّعاء فقط، فإن العلم يحتاج إلى عمل.

وأما حديث أبي ذر: «من ادَّعى ما ليس له فليس منّا» وهو الذي ترجم له الشيخ رحمه الله بقوله: «من ادعى ما ليس له» أي: أيَّ شيء، سواء ادعى علمًا لم يبلغه، أو مرتبة لم يصل إليها، أو ادَّعى أموال الناس وحقوقهم وهي ليست له، فهؤلاء جميعًا قد تبرأ منهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «فليس منّا» وهذا فيه وعيد شديد من هذه الآفة الخطيرة.

*****


الشرح