×
شرح كتاب الكبائر

الصحابة بالمال الكثير يتصدق به فقالوا: هذا مُراءٍ، وجاء آخر بنصف صاع فقالوا: إن الله عن صاع هذا لغني. فأنزل الله في ذلك قوله ﴿ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ[التّوبَة: 79]، والمطوعين هم: الذين يبذلون المال الكثير، ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ هم: الفقراء، فقالوا عن الأول: مُراءٍ، وعن الثاني: إنَّ الله لغني عن صدقته، فماذا كان جزاؤهم؟ لقـد عاملهم الله من جنس عملهم فسخر منهم انتصارًا للمؤمنين في الدنيا، وأعدَّ لهم في الآخرة عذابًا أليمًا، لأنَّ الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى: ﴿سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ وسخريته بهم عَدْلٌ منه، فالسخرية من المخلوق للمخلوق مذمومة، لأنها ظلم.

وقوله: ﴿وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ دلَّ على تحريم ذلك مِنَ الناس عمومًا ومن المسلمين خصوصًا، لأن أهل الإيمان لهم ميزة على الخلق لا سيّما إذا كانوا من علماء المسلمين، أو من ولاة أمور المسلمين، أو كانوا مِنْ عامة المسلمين وضعفتهم، فالمسلم له حق، وهو كريم على الله فلا يجوز أن يُنتقص.

*****


الشرح