فالواجب على المسلم
أن يحافظ على أعراض إخوانه كما يحافظ على عرضه، لأنَّ المسلمين كالجسد الواحد،
فكما لا ترضى أن يغتابك الناس فلا تغتب أحدًا، ومع أن الغيبة من كبائر الذنوب،
إلاّ أنَّ بعض الناس لا يتورَّعون عنها، بل يتفكَّهون بها في المجالس فيتنقَّصون
الناس ويلمزونهم، ويخوضون في أعراضهم مع أنَّ الواجب على المسلم أنْ يكفَّ لسانه
عن الخوض في عرض أخيه، بل يجب إن كان في مجلس واغتيب فيه أحد أن يُنكر ذلك
ويَذُبَّ عن عرض أخيه، وفي الحديث: «من رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخيه كَفَّ اللهُ
عَنْ وَجهِه النَّار يوم القيامة »([1]). والأعراض لها مكانة
عند الله والمسلمين فلا يُتهاون بها، لا بقذف ولا بغيبة ولا بهمز ولا بلمز، فالله عز
وجل يقول: ﴿لَا
يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا
نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا
تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ
ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ﴾ [الحُجرَات: 11]، وقوله: ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ﴾ يعني: إخوانكم،
وهذا معناه: أنَّ المسلمين كالنفس الواحدة، وقوله: ﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ﴾ اللقب هو: ما أشعر
بمدح أو ذم، وسمَّى الله عز وجل ذلك بالفسوق، وأنَّ من لم يتب فإنه ظالم.
ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ الغيبة تشتد إذا كانت في ولاة أمور المسلمين والعلماء، لأنَّ هؤلاء أمر الله باحترامهم، ولأنه يترتب على غيبة ولاة الأمور إضافة لما مضى إلقاء الفتنة بين المسلمين، وتبغيض الرَّعية للراعي، والراعي للرعية، وهذا لا شكَّ أنَّ فيه ضررًا كبيرًا على المسلمين.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1931)، وأحمد رقم (27536).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد