عن أبي بَكْرةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
خُطبته يوم النَّحْر: «أيُّ شَهْرٍ هذا؟» فَسَكَتْنا حَتَّى ظَنَنّا أنَّهُ
سَيُسَمِّيه بغَيْرِ اسمِهِ، فقال: «أَلَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟» قُلنا: بَلى، قال:
«فأَيُّ بَلَدٍ هَذا؟» فسَكَتْنا حَتَّى ظَنَنّا أَنَّه سَيُسمِّيه بغَيْر اسمِهِ،
فقال: «أَلَيسَ بَلَدَ الله الحَرامِ؟» قُلنا: بَلى، قال: «فَأيُّ يَومٍ هَذا؟»
فَسَكَتْنا حَتَّى ظَنَنا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغَيْرِ اسمِهِ، فقال: «أَلَيسَ يَومَ
النَّحْرِ؟» قلنا: بَلى، قال: «فإنَّ دِماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم عَلَيكُم
حَرامٌ، كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذا في شَهْرِكُم هَذا في بَلَدِكُم هَذا،
وسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُم فيَسألَكُم عَن أعمالِكُم، أَلا فَلا تَرْجِعُوا بَعدي
كُفَّارًا يَضرِبُ بَعْضُكُم رِقابَ بَعضٍ، ألا فَلْيُبَلِّغ الشّاهِدُ مِنكُمُ
الغَائِبَ، فلَعَلَّ بَعضَ مَن يَبلُغُه أن يَكون أَوْعى مـمَّن سَمِعَهُ» ثُمَّ
قال: «أَلا هَلْ بَلَّغتُ؟» قُلنا: نَعَم. قال: «اللَّهُمَّ اشهَدْ» قالَها
ثَلاثًا، أخرجاه ([1]).
****
أما قوله صلى الله عليه وسلم: في حديث أبي بكرة في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: «أَيُّ شهرٍ هذا؟» فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب عدَّة خطب، فقد خطب يوم عرفة الخطبة البليغة العظيمة، وخطب يوم النحر وهي هذه الخطبة ليعلّم الناس مناسك الحج والأمور العامة، وهذه الخطبة البليغة أراد صلى الله عليه وسلم بها أن يبيِّن حرمة المسلم، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم فقال: «أي شهرٍ هذا؟» وقد أراد أن ينبههم، ويَلْفت الانتباه لخطورة ما أراد أن يبيِّنه لهم، فسكتوا، وهذا من أدبهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «أليس ذا الحجة؟»، أي: الشهر الذي يؤدى فيه الحج، وهو من الأشهر الحرم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1739)، ومسلم رقم (1679).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد