فقال الصحابة: بلى،
ثم سأل: «أيُّ بلدٍ هذا؟ فسكتوا فقال: أليس بلد الله الحرام؟»، قالوا: بلى،
يعني صلى الله عليه وسلم بذلك: مكة، ثم قال: «فأيُّ يومٍ هذا؟» فسكتوا وهم يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم سَيُسمِّيه
بغير اسمه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انتبه الصحابة وتهيئت قلوبهم
للقول قال: «أليس يومُ النَّحر؟» قالوا: بلى، قال: «إنَّ دِماءَكُم
وأَموالَكُم وأَعراضَكُم عَلَيْكُم حَرامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُم هذا في بَلَدِكُم
هَذا في شَهْرِكُم هَذا»، فالدماء والأعراض والأموال حرمتها كحرمة هذه الحرمات
العظيمة وهي البلد الحرام والشهر الحرام ويوم النحر، ثم إنه حذَّر بعد ذلك من أمر
خطير فقال: «لا تَرجِعوا بَعدي كُفَّارًا» وهذا فيه تحذير ونهي عن انتهاك
الدماء، وقد حرَّم الله دم المسلم والمعاهد على حَدٍّ سواء، فلا يجوز الاعتداء
عليهما، ولا سيّما في أيام الفتنة، فإنْ حصلت فتنة فالمسلم يكف ولا يشارك فيها،
وأن يكونُ عاملاً للإصلاح بين الناس، كما قال تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَاۖ﴾ [الحُجرَات: 9]، هذا هو ما يجب على المسلم: الإصلاح، فإن عجز عن ذلك،
فإنَّه ينجو بنفسه ويبتعد عن شَرِّها ولا يدخل في الفتنة.
وقوله: «كفّارًا» المراد بالكفر هنا: الكفر الأصغر وهو الكفر العملي، ليس الكفر المخرج من الملَّة بدليل قوله تعالى: ﴿مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾، ثم قال في آخر ذلك: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾ [الحُجرَات: 10]، فبعد أن ذكر القتال فيما بين المسلمين لم ينفِ عنهم الأخوة في الإيمان.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد