فإنه يعذر، فإن
عَلِمَ وشاقَّ الرسول بعد العلم، فإنه يكون حين ذلك متوعدًا بالعذاب، فيتركه الله
في الدنيا وغيِّه وضلاله ويعذبه في الآخرة.
وقوله: ﴿وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ هذا هو الشاهد فالمؤمنون جماعة واحدة، فإذا خرج عليهم
أحد، كان متّبعًا غير سبيلهم، لأنه فارق الجماعة، واستدلَّ العلماء بهذه الآية على
حجيّة الإجماع، فإذا أجمع المسلمون على أمر، فإنَّه لا يجوز الخروج على هذا
الإجماع، ومن خرج عن هذا الإجماع فقد شاقَّ الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين، فضلَّ
ضلالاً عظيمًا، والآية فيها دليل على حرمة الخروج على جماعة المسلمين.
وأما قوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ
ٱللَّهِ جَمِيعٗا﴾ حبل الله هو: القرآن، وقيل: الإسلام، وقيل: الرسول
والكل حق. والاعتصام معناه: التمسك، لأنَّ المرء في هذه الدنيا في شرور وخوف فيلجأ
إلى القرآن والإسلام وسنة الرسول فيعتصم بهما، ثم قال: ﴿وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ نهى عن التفرق، لأنَّ التفرّق عذاب، والاجتماع رحمة وأمن
واستقرار، ويُفهم من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ النهي عن الخروج عن الجماعة كما قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَكُونُواْ
كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ
ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾[آل عِمرَان: 105]، فاجتماع المسلمين
وعدم تفرقهم من المصالح العظيمة التي يرجع الخير فيها إلى الجميع، فيجني المسلمون
ثمرة ذلك من الفوائد الكثيرة كالأمن والاستقرار والرخاء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد