وفي البخاري ([1]) عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: قُطِعَ عَلَى أَهلِ المَدِينةِ
بَعْثٌ، فاكتُتِبْتُ فيهِ، فَلَقِيْتُ عِكْرِمةَ فأَخبَرْتُه، فنَهاني أَشَدَّ
النَّهي وقال: أخبَرَني عبدُ الله بنُ عبّاسٍ: أنَّ أُناسًا مِنَ المُسلمين كانوا
مَعَ المُشرِكين يُكَثِّرون سَوادَ المُشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيأتي السَّهْمُ يُرمَى بهِ فيصيبُ أَحَدَهُم فيَقتُلُه أو يُضرَبُ فَيُقتَل
فأنزَلَ الله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ﴾ الآية [النِّسَاء: 97].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ولكن من رَضِيَ وتابَعَ» ([2]).
****
قوله: «قُطِعَ عَلَى أهلِ المَدِينةِ بَعْثٌ فاكتُتِبْتُ» أي فُرض على أهل المدينة أن يُجهزوا جيشًا في الفتنة التي نشبت بين أهل الشام وأهل المدينة، فاكتتب محمد بن عبد الرحمن الأسود في هذا الجيش فنصحه عكرمة بالتخلي عن ذلك ابتعادًا عن الفتنة، وذكر عكرمة تفسير ابن عباس لهذه الآية: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾[النِّسَاء: 97]، هذه الآيات نزلت في أناس من المسلمين تركوا الهجرة وهم يقدرون عليها، وبقوا في مكة، فلما حصلت وقعة بدر خرج المشركون بهؤلاء المسلمين وأجبروهم على القتال معهم ضد المسلمين، فكان من المسلمين من قُتل في ذلك، فأنزل الله هذه الآية التي يؤخذ منها أنَّه لا يجوز تكثير سواد المشركين على المسلمين، ويستنبط منها أيضًا أنه لا يجوز تكثير أهل الفتنة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4596).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد