×
شرح كتاب الكبائر

فإذا لم يقم بها صارت عليه حسرة وندامة، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: «وإن أُعطيتها عن مسألة وُكلت إليها»، لأنَّ مَن طلبها فإنَّ الله يكله لجهده ولا يُعينه عليها، وهذا فيه وعيد لمن يسعى إلى تحميل نفسه هذا الأمر، ومن ابتلي بها من غير طلب منه لها أعانه الله على القيام بها.

والمسألة الثانية: تتمثل في قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فائْتِ الذي هو خير وكفِّر عن يمينك»، كمن حلف أن لا يتصدق مثلاً ‑ ولا شكَّ أن الصدقة خير ‑ فإنَّ عليه أن يكفر عن يمينه ويتصدق، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلُواْ ٱللَّهَ عُرۡضَةٗ لِّأَيۡمَٰنِكُمۡ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصۡلِحُواْ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ[البَقَرَة: 224].

فإذا حلف أن لا يصلي الوتر أو التراويح أو أن لا يصلَ رحمه، فإنه يكفِّر ويأتي الذي هو خير، فيفعل المحلوف على تركه ثم يكفِّر، لقوله: «فكفِّر عن يمينك وائت الذي هو خير»([1]) فدلَّ هذا على أنَّ عليه أن يقدِّم الكفارة ثم يأتي الذي هو خير، ولفظ حديث الباب: «فائت الذي هو خير ثم كفِّر عن يمينك». يدل على أنه يفعل ما حلف على تركه ثم يكفر فيكون مخيرًا بين هذا وهذا.

وقول أبي ذر للنبي صلى الله عليه وسلم: «ألا تستعملني» طلب فيه للولاية ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بحاله بأنه لا يستطيع أن يقوم بالمهام لضعفه، ضرب على كتفه مطيبًا لخاطره وقال له: «إني أراك ضعيفًا » فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما امتنع من توليته لضعفه، ولهذا فقد وقَّره ورحمه من أجل أن يَسْلَمْ من


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6622).