وهذا أُهديَ إليّ،
فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن حمد الله وأثنى عليه: « بالُ العَامِلِ
نَبْعَثُه فيَأْتِي يقول: هذا لكم وهذا أُهدِيَ إليَّ، فهلاّ جَلَسَ في بَيتِ
أبيهِ أو بيت أُمِّهِ فَيَنظُرَ أيُهْدَى إليه»، وفي هذا تحذير للعمال من أن
يأخذوا شيئًا من هذه الأموال، وفيه تحريضٌ لهم على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة
ولو في شيءٍ قليل وهذا يتناول كل المسئولين عن أموال الدولة.
أما قوله صلى الله
عليه وسلم: «وَيلٌ للأُمَراءِ، وَيلٌ للعُرفاء، وَيلٌ للأُمناء». ويل:
كلمة عذاب ووعيد، وقيل: واد في جهنم، يعني: ويل لهم إذا لم يعدلوا، والعرفاء: المقدَّمون
في القبائل الذين يُعرِّفون بقبائلهم، والأمناء: هم الذين يؤتمنون على أموال بيت
المال، أو أموال الناس، فإذا أخذوا من هذه الأموال شيئًا أو ضيَّعوها، فإنهم
متوعَّدون بالعذاب الشديد يوم القيامة.
ثم أخبر عن الولاة
أنهم يتمنون يوم القيامة لو عُلِّقوا من شعرهم بالثُّريا؛ يعني: بين السماء والأرض
يتذبذون، وأنهم لم يَلُوا هذا العمل، ولم تحصل لهم هذه العزَّة والرِّياسة
والرِّفعة على الناس في الدنيا وذلك أنَّ التعليق بالناصية مَثَلٌ للمذلَّة
والهوان، وهذا فيه الوعيد الشديد لمَن تولّى الإمارة أو العرافة أو الأمانة ولم
يَقُم بحقِّها، وفيه الحث للوالي على أن يتقي الله في مسؤوليته ولا يتخذها مغنمًا
ينتهز بها الفرصة فيأخذ غير مرتبه، فالولاية ليست مغنمًا ينتهزه المسئول، وإنما هي
أمانة ومسؤولية يُسأل عنها يوم القيامة ويعذب على تفريطه وإهماله فيها وما أخذه
بسببها.
*****
الصفحة 4 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد