فأبوذر رضي الله عنه
كان مشتغلاً بأمور العبادة والطاعة والزهد ولم يكن مهتمًا بأمور الدنيا، فما أحبَّ
النبي صلى الله عليه وسلم أن يوليه لأنه عرف أنه سيعجز عن القيام بالمهمة. وقد
دلَّ هذا على أنه لا يكفي في الوالي أن يكون ذا ديانة فقط بل لا بد أن يكون قويًا
في القيام بالمهام الموكولة إليه.
وقوله في الحديث:
«القَضاةُ ثَلاثَةٌ: واحِدٌ في الجَنَّةِ واثنانِ في النَّارِ» هذا يدل على
خطورة القضاء، وأنه يتحرز منه، أمّا الذي في الجنة فهو الذي عَرَفَ الحقَّ
وقضى به، أما الذي عرفَ الحقَّ وقضى بخلافه فهو في النار، والذي قضى بجهل في النار
أيضًا، لأنَّه لا يجوز أن يقضي بغير علم، حتى وإن أصاب فهو آثم، فيشترط في القاضي
العلم والعدل، وفي هذا التحذير من الحكم بجهل أو بخلاف الحقِّ مع معرفته به.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن أُفْتِىَ فُتيا بغَير علمٍ كانَ إثمُ ذلِكَ عَلَى الَّذي أفْتَاهُ» الإفتاء: هو بيان الحكم الشرعي من غير إلزام به، والقضاء: بيان الحكم مع الإلزام به، والناس بحاجة إلى القضاة والمفتين، ولكن يجب على المفتي أن يتَّقي الله ولا يفتي الناس بجهل أو بهوًى، فإنه يتحمَّل إثم مَنْ أفتاه، وأما المُستفتي فإنَّه إذا لم يكن يعلم أن المفتي أفتاه بغير علم فلا شيء عليه وإثمة على المفتي، ولكن إن كان يعلم أنه ليس بعالم أو أنه يفتي بغير الحق فهو شريك له في الإثم، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار»([1])، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (157).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد