في أصل قلوب الرجال
وتمكنت منها، فكانت هي الباعثة على الأخذ بالكتاب والسُّنة، وهذا هو المراد بقوله:
«ثم نزل القرآن فعلموا» أي: تعلموا «من القرآن» ومما يتلقون عنه صلى
الله عليه وسلم، من السنة فكانوا يتعلمون من القرآن قبل أن يتعلموا السُّنة، ثم
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الأمانة ستُنزع في آخر الزمان، ويقلُّ الأُمناء
في الناس، «حتى يقال إنَّ في بني فلان رجلاً أمينًا» وهذا يدلُّ على فساد
أهل الزمان، لنُدْرَة الرجل الأمين، ولهذا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوَّلَ
ما تَفْقِدون مِن دِينِكُم الأمانةُ وآخرُ ما يَبقَى من دينكم الصَّلاةُ»([1])، وهذا يكون والله
أعلم في آخر الزمان بعد ذهاب القرون المفضلة، كما جاء في الحديث: «إنَّ
بَعدَكُم قَومًا يَخونونَ ولا يُؤتَـمَنون وَيشهَدُون ولا يسشهدون ويُنذِرُونَ ولا
يَفونَ»([2])، إلاّ أنَّه لا تذهب
الأمانة بالكُلية، بل تبقى في الناس على قلِّة بعد أن كان الأُمناء في القرون
المفضلة كثيرين، وهذا الإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم معناه التحذير، لأن بعض
الناس إذا نهيته عن حرام قال لك: كل الناس يفعلون ذلك، حتى إنه ليقال عن الأمين
إنه مغفل وقليل الخبرة، وعن الغاش: أنه فاهم وكيِّس، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن
الرجل يُمدح وليس فيه ذرة من إيمان.
وقوله في حديث مسلم: «تُرسَلُ الأَمانَةُ والرَّحِمُ» وذلك لعظَم أمرهما، وكبير موقعهما، فمن أدى الأمانة ووصل الرَّحم نجا حين يقوم
([1]) أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (7182).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد