×
شرح كتاب الكبائر

تعالى بأن يتذكروا هذه النعمة التي جعلتهم إخوة متحابين، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك إلاّ الله تعالى، ولهذا قال سبحانه: ﴿لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ[الأنفَال: 63]، فالأخوة بين المؤمنين ثابتة وراسخة، لا يُزحزحها شيء إلاّ الكفر، والمؤمنون لا يفرق بينهم شيء، وإن حصل بينهم ما يكدر صفو هذه العلاقة، فإن الواجب على المسلمين أن يسارعوا إلى إزالة ذلك، وسورة الحجرات جاءت لتتحدث في هذا الموضوع، فقد جاء فيها: قول الله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ[الحُجرَات: 6]، وهذا تحذير من النمام الذي يحرّش بين المؤمنين ليوقع العداوة بينهم، ولذلك قال الله:  ﴿فَتَبَيَّنُوٓاْ أي: تثبتوا مما بلغكم ولا تقبلوا أخبار النمام لأنَّ هناك نمامين يعملون بالوشاية بين المؤمنين، وأنه يجب على المسلمين أن يتأكدوا من خبر هذا الفاسق، حتى لا يصيبوا جماعة منهم بجهالة فيحصل الندم.

وذكر الله في الآيات أنه لو حصل بين المسلمين قتال، فإنَّ الذي قاتل المؤمنين يكون باغيًا، ولهذا يجب أولاً أن يُسعى بالصلح بين المتقاتلين: من البغاة وأهل العدل، فإن رفضت الفئة الباغية، فإنَّ المسلمين يقاتلون هذه التي تبغي، حتى تفيء إلى أمر الله لقوله تعالى: ﴿فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ[الحُجرَات: 9]، فإن رجعت الفئة الباغية فيكون الإصلاح بالعدل، دون محاباة لطائفة على حساب الأخرى، قال تعالى: ﴿وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ[الحُجرَات: 9]،


الشرح