×
شرح كتاب الكبائر

أما قوله: «الكِبْر بَطَر الحق وغَمْط الناس» فمعنى بَطَر الحق: أي: دفعه وعدم قبوله، وغَمْطُ الناس، أي: احتقارهم، فلا يُشترط في المتكبِّر أن يكون مظهره غير جميل، بل يشترط فيه أن لا يبطر الحق ويغمط الناس.

ولا بُدَّ من الإشارة إلى أن التجمُّل لا يعد كِبْرًا، فليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم: « إنَّ الله لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكمْ وأمْوالِكُمْ، ولكن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأعمالِكُم » ([1]) ليس معناه أنه على الإنسان أن لا يتجمَّل أو لا يطلُبَ الرِّزْقَ، لكن معناه: أن يتجمَّل مِنْ غير كِبْر، يتجمَّل في ملبسه وجسمِه وهيئتِه ومظهره، لأنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ، والكِبْر في القَلْبِ لا في الجسم، فقد يكون الإنسانُ رَثًّا وسخًا، لكنه متكبر، والعياذ بالله، وقد يكون نظيفًا جميلاً بهيًّا، وهو متواضعٌ لله، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أحسنَ الناسِ جسمًا ومنظرًا، وأطيب الناس رائحة، فليس معنى هذا أنَّ كل من كان جميلاً اعتُبر متكبِّرًا، إنما هذا يرجع إلى القلب، وليس كلُّ دميم يكون متواضعًا لله، فقد يكون المرء عائلاً ومع ذلك يكون مستكبرًا؛ والعائل: يعني: الفقير، وهذا من أبغض الناس عند الله عز وجل.

وكثيرٌ مِنَ النَّاسِ لا يَقْبلون الحق ولا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قيل لهم: قال الله عز وجل، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتقبلون، بل يتبعون أهواءهم وشهواتهم، أو مَن يقلدونه مِن رُوَسائهم وزعمائهم وقادتهم، فهم يتعاملون مع الآيات والأحاديث من باب التبرك، أما العمل فلا يعملون


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2564).