عن أبي بَكْرة رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صلى الله
عليه وسلم فأَثنى عليه رجلٌ خيرًا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكَ!
قَطَعْتَ عُنُقَ صاحِبِك» ردّدَه مِرارًا، ثم قال: «إنْ كان أحدُكم مادحًا لا
مَحالةَ فلْيَقُل: أحسِبُه كَذا وكَذا، إنْ كان يَـرَى أنه كذلكَ، وحَسِيبُه الله،
ولا أُزكِّي على الله أحدًا» رواه البخاري ومسلم ([1]).
****
فعلى الإنسان أن
يتجنَّب هذين المذهبين الفاسدين، وذلك بأن يسير على ما سار عليه أهل السُّنة
والجماعة من الجَمْع بين الخَوْف والرَّجاء، فهم يخافون من ذنوبهم ويرجون رحمة
الله، وطريقة أهل السُّنة والجماعة هي طريقة الرُّسل، فهم لا يخافون خوفًا
يُقنِّطهم من رحمة الله، ولا يرجون رجاءً يؤمِّنهم من عذابه جل وعلا.
في هذا الحديث أنَّ من أسباب العُجْب المدحَ، حينما يمدح إنسانٌ شخصًا آخر في وجهه، فإن هذا من شأنه أن يجعل الممدوح يتعاظم في نفسه ويعجب بعمله، ولهذا يُكره ذلك، وأمّا الثناء على الشخص في حال غيابه فهو يدخل في باب الذِّكر الحسن، بخلاف ما إذا كان الشخص موجودًا فهذا لا يجوز، لأنه يكون سببًا لإعجاب المرء بنفسه، ولهذا أنكر صلى الله عليه وسلم على هذا الرَّجل الذي مَدَح رجلاً آخر، وقال له: «وَيْحك، قَطَعْتَ عُنُق صاحبِك»، يعني: أهلكتَه بمدحك إيّاه، ولقد كان صلى الله عليه وسلم يكره مثل هذا السُّلوك، ولهذا حينما قالوا له: أنْتَ سَيِّدُنا. قال: «السَّيِّدُ الله تبارك وتعالى» قالـوا: وأَفْضَلُنا فَضْلاً، وأعْظَمُنا طَوْلاً، فقال: « قولوا بقَولِكُم، أو بَعضَ قَولِكُمْ، ولا يَستَجرِيَنَّكُم الشَّيْطانُ » ([2])، هذا وهو رسول
([1])أخرجه: البخاري رقم (6061)، ومسلم رقم (3000).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد