×
شرح كتاب الكبائر

الله صلى الله عليه وسلم نَهى أن يُمدَح بحضوره أو في وجهه، فكيف بمَن هو دُونه؟!

فالإنسان ضعيفٌ، لأنه إذا ما مُدح في وجهه، كان ذلك سببًا لدخول العُجْب إلى نفسه، وبالتالي انعكس ذلك على عَمله، ولهذا جاء في الحديث: « أمرَنا رَسولُ الله أنْ نَحْثِيَ في وُجوهِ الـمَدَّاحين التُّراب » ([1]) وغالب من يفعل ذلك المنافقون المُتَملِّقون، ولهذا قال جل وعلا: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ ثم قال  جل وعلا: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ [المنَافِقون: 1]، ثم قال تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ يعني: سُتْرة: ﴿فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [المنَافِقون: 2]، هذه هي صفات المنافقين وأهل التملُّق، فينبغي الحذرُ منهم، وعدمُ السماح لهم في التمادي بهذا السُّلوك المنهيّ عنه، هذا من جانب.

ومن جانب آخر فإنه حينما يمدح إنسانٌ إنسانًا آخر، فإنه يكون قد زكَّاه على الله، واللهُ يعلم من حاله ما لا يَعْلمه أحد، فمن الذي يَعْلم باطنَ الناس إلاّ الله جل وعلا، ومَن الذي يعلم حقيقة صِدْق أعمال الخَلْق مِن حيث كَوْنها صادرةً لوجه الله أو العكس إلاَّ الله سبحانه وتعالى، أو من حيث كونها متقبَّلة أو لا، ففي حال مَدْحِنا لشخص نكون قد زكَّيناه على الله، فإذا كان لا محالة من المدح والثناء فينبغي أن يكون ذلك في غَيْبَته، فيقال: أحسِبُه كذلك، والله حَسِيبُه، لأن الله هو الذي يحاسبُه ويعلم أعماله، ويعلم نيّاته ومقاصده، هذا هو التأدُّب مع الله، فلا ينبغي تزكية


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (3002).