ولأحمدَ ([1]) بسندٍ جيِّد عن الحارث بن معاوية أنه قال لعُمرَ رضي الله عنه: إنهم كانوا
يُراودونَني على القَصَص، فقال: أخشى أنْ تَقُصَّ فتَرتَفِعَ عليهم في نفسِك، ثمَّ
تَقُصَّ فتَرْتَفِع، حتى يُخيَّل إليك أنَّكَ فَوْقَهم في مَنْزِلةِ الثُّرَيّا،
فيَضَعُكَ الله عز وجل تحتَ أقدامِهم يوم القيامة بقَدْر ذلك.
****
أحدٍ على الله، وهو
سبحانه يقول: ﴿فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ﴾ [النّجْم: 32].
والحاصل أن المفهوم
من هذا الحديث النهيُ عن الإفراط في مدح الآخرين، لأنه لا يُؤْمَن عليهم من دُخول
العُجْب إلى نُفوسهم، واعتقادهم بأنهم يستحقون ذلك، مما يؤدِّي إلى تضييعهم العمل،
وعدم إقبالهم على الطاعات اتكالاً على ما وُصفوا به.
في هذا تحذير
للوعّاظ والدُّعاة أن لا يعجبوا بأنفسهم، وألاّ يعجبوا بوعظهم وكلامهم، لأنهم إذا
لم يبتعدوا عن هذا الإعجاب فإن ذلك من شأنه أن يُكسِبَهم ترفُّعًا على الناس.
فهذا رجل قال لعمر: « إنهم يراودونني على القصص»، والمراد بالقَصَص هنا: الوعظ، فقال له عمر رضي الله عنه: « أخْشَى عليك أنْ تَقُصَّ فتَرْتَفِعَ عَلَيْهِم في نَفْسِكَ » فقد خَشِيَ عليه عمر أن يبادر إلى ذلك فيقصَّ عليهم، وبالتالي يتولَّد عنده إعجابٌ بنفسه فيترفَّع عليهم، فيَضعه الله يوم القيامة تحت أقدامهم، مجازاةً له على هذا الترفُّع والكِبْر، ولهذا يُروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان إذا تكلَّم أو خَطَبَ فأعجبه كلامُه، سكت وقطع حديثه خشيةً على نفسه من العُجْب.
([1])أخرجه: أحمد رقم (111).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد