وأصحابه، وعادوا بالنصر والظفر، جاؤوا إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم يعتذرون بأنهم شغلتهم أموالهم وأولادهم وأهلوهم، وقالوا
كما ذكر سبحانه على لسانهم: ﴿شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ
يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾ [الفَتْح: 11]، فهذا ظنُّ
المنافقين.
أما المؤمن فإنه
يحسن الظنَّ بربِّه، مهما بلغت الشدَّة، فهو لا ييأس أبدًا، لعلمه بأنَّ رحمة الله
واسعة، وأنَّ هذا امتحان من الله له، فهذا هو شأن المؤمن، فإنه كلما اشتد به
الكرب، عَظُم رجاؤه بالله عز وجل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «واعْلَم أنَّ النَّصْرَ مَعَ
الصَّبْر، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا » ([1])، هكذا المؤمن
دائمًا، فهو يزداد ثقةً بالله كلما اشتد به الكرب وضايقته الحوادث، أو تسلَّط
أعداؤه عليه، فإنه لا ييأس أبدًا.
كما أن المؤمن إذا أذنب وأخطأ فإنه يتوب، ويُحسِن الظن بربِّه بأنه يقبل توبته ويغفر له ذنبه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾[الزُّمَر: 53]، فإنه كلَّما عظُم الذنب، عَلِمَ المؤمن بأنَّ عَفْوَ الله أعظم، فإذا تاب المسلم تاب الله عليه مهما كان ذنبه، بل حتى لو تاب العبدُ غير المسلم فإنَّ الله يتوب عليه ويدخله في رحمته، فلا ينبغي للعبد أن ييأس من مجيء الفرج عند الكرب، أو ييأس من تحصيل المغفرة عند التوبة من الذنب، وهكذا إذا حضره الموتُ فإنه ينبغي له أن يُحسن الظنَّ بربِّه، ولا يقنط من رحمته، أو يَغْلب عليه الخوف من النار عنـد الموت، فهكذا هو حال المؤمن دائمًا وأبدًا، سواء عند الموت
([1])أخرجه: أحمد رقم (2803)، والحاكم رقم (6304)، والطبراني في «الكبير» رقم (11243).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد