×
شرح كتاب الكبائر

أو عند وقوع الكُرَب والشدائد، أو في حال مقارفة بعض الذنوب، فعليه أن يجعل أمله بالله تعالى قويًّا.

وأمّا الكفار والمنافقون فهم بخلاف المؤمنين لأنهم يُسِيئُون الظنَّ بربِّهم، ولهذا يوبِّخ الله الكافرين يوم القيامة في حال دخولهم جهنم ويقول لهم: ﴿وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن يَشۡهَدَ عَلَيۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا يَعۡلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ٢٢ وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [فُصّلَت: 22-23]، فلقد ظنوا أن الله لا يعلم أعمالهم من كفرٍ وشرٍّ، فتمادوا في الكفر والطغيان؛ لأنهم يظنون أنَّ الله تعالى غير مطَّلعٍ على أعمالهم، وأنها تُنسَى وتذهب، أما المؤمن فإنه لا يظن هذا الظن، فهو يعلم أنَّ الله يعلم كل شيء، ويعلم أن الله يسمع ويبصر، لذلك فهو يراقب الله عز وجل، لأنه لا يخفى على الله شيء، ولذلك فهو يبتعد عن المعاصي والذنوب، ويكثر من الطاعات، وهذا نتيجة مراقبة الله سبحانه وتعالى، بعكس الكفار الذين ظنوا أن الله مُهمِلُهم، وأن أعمالهم لا تُحصى عليهم، ولكن الله تعالى ردَّ عليهم بقوله: ﴿يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ [المجَادلة: 6]، فالله جل وعلا بالمرصاد، يرصد أحوال عباده ولا يخفى عليه شيء، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم «: اتَّقِ الله حيثما كُنْتَ » ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «الإحسان أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك »[2])، فإذا لم تصل في مرحلة اليقين كأنك ترى الله عيانًا، وهذه هي المرتبة الأولى، فاعلم أن الله يراك، وهذه المرتبة


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2833)، وأحمد رقم (21354).

([2])أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (9).