×
شرح كتاب الكبائر

وقوله تعالى: ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ [الزُّمَر: 23].

****

أما المؤمنون منهم فهم صالحون، وقد أثنى الله عليهم فقال:﴿لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ [آل عِمرَان: 113]، وهذا فيه ردٌّ على الذين يقولون: لا تلعنوا اليهود والنصارى، مع أنه سبحانه كان قد لعنهم من قبل فقال:﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ [المَائدة: 13]، فبسبب نقضهم العهد مع الله قست قلوبهم، ولو أنَّهم وفوا بالعهد مع الله لَلانت قلوبهم، وهذا ليس خاصًّا ببني إسرائيل، وإنما هو يشمل كل من فعل فِعْلهم من المسلمين وغيرهم. والثاني من الأمرين: أنه تعالى جعل قلوبهم قاسية، فقال:﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ [المَائدة: 13] فلا يتِّعظون بموعظة لِغِلَظ قلوبهم وقساوتها. وهو يورثُ قسوةَ القلب.

أما قوله: ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ[الزُّمَر: 23].

قوله: ﴿كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا[الزُّمَر: 23] يعني: يشبه بعضه بعضًا في الحسن والجمال والصدق، وقوله: ﴿مَّثَانِيَ [الزُّمَر: 23] يعني: كرَّرَ الله فيه المواعظ، وكرَّرَ فيه القصص، لأجل تَليين القلوب ﴿تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ [الزُّمَر: 23] أما الذين لا يخشون ربهم فهو يَمرُّ عليهم ولا يُؤثِّر فيهم، وفي هذا دليل على أن القرآن يُليِّن القلب حيث قال تعالى: ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ [الزُّمَر: 23] فدلَّ على أن تلاوة القرآن مع التدبر وحضور القلب يُليِّن القلب، وهذا كما في الآية الأخرى حيث قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ


الشرح