وقوله تعالى: ﴿أَلَمۡ
يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا
نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾ [الحَديد: 16].
****
قُلُوبُهُمۡ﴾ [الأنفَال: 2]، فذِكْرُ الله يُلين القلوب، والغفلة عن ذكرهِ تُقسي القلوب، ثم قال: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٢ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ
ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ﴾ [الأنفَال: 2-4]، فالسبب في وَصْفِ
الله لهم أنَّهم مؤمنون حقًّا، لأنهم إذا تليت عليهم آيات الله عز وجل لانت قلوبهم
بسماعها، وخشعت لها، فانقادت جوارحُهم للطاعات، وبادرت بأداءِ المفروضات، وتَرْك
المحرمات، هذا هو الأساس لتليين القلوب؛ ومن هنا يُفهم قوله تعالى:﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ
ٱلۡحَدِيثِ﴾ [الزُّمَر: 23] فالقرآن أحسنُ الحديث، ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا﴾ [النساء: 87]. ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ
قِيلٗا﴾ [النساء: 122].
هذا عتابٌ من الله جل وعلا للمؤمنين، لئلا ينشغلوا عن القرآن فتحصل في قلوبهم شيءٌ مِنَ القسوة، فحثهم الله بقوله: ﴿أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ
ٱلۡحَقِّ﴾ - وهو القرآن -﴿وَلَا
يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ﴾ - اليهود والنصارى - ﴿فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ﴾ [الحَديد: 16]، انشغلوا بالدنيا
وبالملذات والمأكولات والأموال والأولاد، فمضى عليهم عهدٌ طويلٌ وهم لا يلتفتون
إلى كتاب الله، فطال عليهم الأَمَد، فنتج عن ذلك أن قست قلوبهم لـمّا أَعرَضوا عن
التوراة والإنجيل، ولذلك حذَّر اللهُ المؤمنينَ من أن يعملوا مثل عملِهم، بأن
يُعرضوا عن القرآن فتقسُوا قلوبُهم مثل ما قَسَتْ قلوب الذين مِن قبلهم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد