×
شرح كتاب الكبائر

وللترمذي عنه ([1]) مرفوعًا: «لا تُكْثِروا الكَلامَ بغَيرِ ذِكرِ الله، فإنَّ كَثرَةَ الكَلامِ بغيرِ ذِكْرِ الله قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وإنَّ أَبْعَدَ القُلوبِ مِنَ الله القَلْبُ القاسِي» ([2]).

****

وقوله: « ويل للمُصرِّين الذين يُصِرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون » هذا تهديد للذين يُداومون ويستمرون في عمل المعاصي والذنوب، ولم يستغفروا وهم يعلمون بأن ما فعلوه معصية، ولكن ما من أحدٍ معصوم، فقد يقع الإنسان في المخالفات ويرتكب بعض السيئات، لكن عليه أن يتوب إلى الله، أما إذا أصرَّ ولم يتب، فإنَّ الله توعده بالعقاب، وقد ذكر الله أنَّ عباده المتقين من أبرز صفاتهم أنَّهم لا يُصرُّون على الذنب، والله يقول: ﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ ١٣٣ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [آل عِمرَان: 133-134]، والإصرار على الصغيرة يُصَيِّرها كبيرة، وفي الحديث: « لا كبيرةَ مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار » ([3])، فالواجب على المسلم أنَّه إذا أذنب ذنبًا بادر بالتوبة، أما إذا أصرَّ وبقي عليها، فقد توعَّدَه الله بالوعيد الشديد.

هذا بيان سببٍ آخرَ من أسباب قسوة القلب، وهي كثرة الكلام بغير ذكر الله، أما كثرة الكلام بذكر الله فإنَّه كلَّما أكثر اللسان من ذكر


الشرح

([1])قوله: عنه يعني عن عبد الله بن عمرو وهو وهم، والصواب: عن عبد الله ابن عمر بن الخطاب، كما سيأتي في تخريج الحديث.

([2])أخرجه: الترمذي رقم (2411).

([3])أخرجه: القضاعي في «الشهاب» رقم (853)، وابن عساكر في «معجمه» رقم (149).