×
شرح كتاب الكبائر

وقوله تعالى: ﴿قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ الآية [المَائدة: 22].

****

ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا [الأحزَاب: 12]؛ أي: باطلاً من القول، وهو قول أهل النفاق، لما جاءت الشِّدَّة قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلاَّ غرورًا، ظهر ما في قلوبهم من النفاق والعياذ بالله أما المؤمنون فقد قال الله تعالى في حقِّهم: ﴿وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا [الأحزَاب: 22] فانظر ماذا فعلت الشدّة معهم، لم يضعفوا أو يستكينوا، وإنّما زادتهم هذه الشِّدة ثباتًا وإيمانًا، وعلموا أنه الابتلاء والامتحان.

هذا من ضعف القلوب، أي قولهم: إنَّ فيها قومًا جبارين، وكان رَدُّهم هذا لما أمرهم موسى عليه السلام  بدخول الأرض المقدسة، التي هي بالتحديد بيت المقدس، وكانت بيد الكفار العماليق، وكانوا غِلاظ الأجسام أقوياء، خرج موسى ببني إسرائيل غازيًا لفتح بيت المقدس، فما كان منهم إلا أن تخاذلوا وجَبنوا عن لقاء هؤلاء القوم الجبّارين، وقالوا: ﴿وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا [المَائدة: 22] كانت حُجتهم أنه لا طاقة لهم في قتالهم ولا على إخراجهم، لكن إن خرجوا بدون قتال دخلناها.

وفي النهاية قالوا: ﴿فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ [المَائدة: 24]، لما ألحَّ عليهم صرَّحوا بما في قلوبهم: ﴿فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ انظروا موقفهم هذا مقارنةً مع موقف صحابة رسول الله يوم بدر، فقد تواجه المسلمون والكفار، وكـان عددُ الكفار ضِعفَ عدد المسلمين، المسلمون ثلاث مئة وبضعة عشر،


الشرح