×
شرح كتاب الكبائر

احفظه، وأمسكه، وإلا أهلَكَكَ كما يُهلِك السِّلاحُ صاحبَهُ الذي لا يؤمِّنه ويَحتاطُ منه، ولقد كان لفِعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالغُ الأثر حِينَ أخذَ بلسان نفسه، فإنه أتبع القول بالفعل، وكان فيه مزيد بيان، والشاعر يقول:

يَموتُ الفتَى مِن عَثرةٍ بلسانِهِ *** وليسَ يموتُ المرءُ من عَثرةِ الرِّجلِ

فعثرَتُه مِن فيهِ ترمي برأسِه *** وعَثْرَتُه بالرِّجل تَبْرا على مَهْلِ

ويقول الآخر:

احفظ لِسانَكَ أيُّها الإنسانُ *** لا يَلْدَغنَّك إنَّه ثُعبانُ

كم في المقابر مِن قَتيلٍ لِسانِه *** كَانتْ تَخافُ لِقاءَه الشُّجْعَانُ

والمثل يقول: « كم كلمة تقول لصاحبها: دعني ».

وللأسف أكثرُ الناس اليوم ليس لهم همٌّ إلا القيل والقال، والغيبة والنميمة، والتجريح بالناس، والتفسيق والتبديع، والتكفير بغير حق، ليس لهم شغل إلا هذا، وأخُصُّ بذلك طلبة العلم، فمنهم من ترك طلبَ العلم الآن، وصار همُّه، ماذا تقول في فلان؟

وهل يعجبك كلامه؟ أنتم أتباع فلان، ونحن أتباع فلان.

يا إخوان: لا ينبغي هذا للمسلم ولا سيّما طالب العلم، بل الأصل فيه أن يراقب الله في عِلْمِه، ويحفظ لسانه، ولا يتجارى مع الناس، وإذا سمع كلام جاهل أعرض عنه، ولم يُلْق له بالاً، وإذا كنتم تريدون النجاة لأنفسكم اشتغلوا بالعلم واحفظوا ألسِنتكم، فالزمان زمان فتنة وخصوصًا بعد أن كثُرت الشبهات، فقد تأتي الفتن باسم الدين، وباسم العلم والعلماء، احذروا من هذا، واشتغلوا بطلب العلم، والإقبال على طاعة الله، واحذروا من أولئك الذين يصطادون في الماء العكر، لأنهم


الشرح