×
شرح كتاب الكبائر

  التعجُّب من الغفلة عن هذا الأمر مثل: ويحك وويلك، فهذه أمور يقولها الإنسان وهو لا يقصد حقيقتها.

قوله: « وهل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلى وُجوهِهِمْ أوْ قال: عَلَى مَناخِرهم إلا حَصائدَ أَلْسِنَتِهم »

أي: محصوداتها، شبَّه صلى الله عليه وسلم ما يتكلم به الإنسان بالزرع المحصود، وهذا من بلاغته صلى الله عليه وسلم، فكما أن المِنْجَل يقطع ولا يميِّز بين الرّطب واليابس، والجيد والرديء، فكذلك لسان بعض الناس يتكلّم بكل نوع من الكلام، حسنًا وقبيحًا، فالإنسان قد يعمل أعمالاً خيِّرة وفضيلة وجليلة ثم يُبدِّدها، والسبب لسانه، حيث يَسُبُّ الناس ويغتابهم، فيؤخذ من حسناتِه وتعطى للمظلومين يوم القيامة، ثمَّ إذا فَنِيَت حسناته حُمّل من أوزار القوم، ثم طرح في النار، فلسانه هو الذي جنى عليه وبَدَّدَ أعماله وجعل حسناته تذهب لغيره، ولمن تذهب؟ لخصمه، لمن اغتابه، فلو أنها ذهبت لوالديه أو لمن يُحبه لكان الأمر أهون، ولكنَّها تذهب لخصمه، فعليك إذا عملت عملاً صالحًا أن تحافظ عليه، والله جل وعلا يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ[محَمَّد: 33]، فإذا عملت عملاً صالحًا حافظ عليه أكثر مما تحافظ على الدَّراهم، وإذا كانت لديك دراهم تخاف عليها أن تُسرق أو تَذهب، أو تخاف أن تتلف، فأعمالك أوْلى أن تحافظ عليها، فإذا كان المرء يشتري خزانة لحفظ مقتنياتهِ، فلِمَ لا يشتري خزانة لحفظ أعماله التي هي أثمن من مقتنياته!

أما قوله: « الأعضاء كلها تكفِّر اللسان... »أي: تتذلل وتخضع للسان، فهذا معناه أن الأعضاء كلها تابعةً لِلِّسان، كما قال صلى الله عليه وسلم:


الشرح