×
شرح كتاب الكبائر

 « ألا وإنَّ في الجَسَدَ مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّه » ([1]). فالقلب هو مَلِك الأعضاء، فإن طابَ طابَتْ، أي: تخضع له وتنقاد، لأنه مَلِكُهَا تقول له: « اتقِّ الله فينا، فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا »، هذا كلام مَن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث أنَّ الأعضاء تتكلم وإن كنّا لا نسمَعَ صوتها في الدنيا، إلاَّ أنَّها يوم القيامة تتكلم بكلام مسموع، قال الله سبحانه يصور ذلك: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيۡهِمۡ سَمۡعُهُمۡ وَأَبۡصَٰرُهُمۡ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢٠ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ [فُصّلَت: 20-21]، وقال  ﴿ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ[يس: 65] في الآخرة تشهد الأيدي والأَرجُل على الأعضاء وتحاورها، وفي الحياة الدُّنيا تتكلم تخاطب القلب وأنت لا تشعر في كل صباح تقول له: « اتقِّ الله، فإنما نحن بك ». إلى آخر ما جاء في الحديث.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).