×
شرح كتاب الكبائر

 خيرٌ نطق، وإن رأى أنه شرٌّ سكت، وصمت، فالكلمة إن خرجت ملَكت العبدَ، وهو لا يملكها، ولكنه إن أمسكها وفكَّر فيها قبل خروجها ملَكها ولم تَمْلِكُه، لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «: مَن كانَ يُؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليُكرم ضيفه، ومَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليَصِلْ رحمه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُل خيرًا أو لِيَصْمِتْ » ([1]).

أما قوله: « إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأُمَّهات »إلخ، فهذا الحديث قد اشتمل على مجموعةٍ من الكبائر، وأولها: عقوق الأمهات، وليس المقصود الأمهات فحسب، بل ويدخل في هذا الآباء، وإنما ذُكرت الأُمَّهات لِبيان عظيم حقِّهن، ولأنَّ أكثر العقوق على الأمهات، وذلك لما تقاسيه الأُم من الحمل وآلام المخاض والإرضاع والتربية وغير ذلك من الأمور المُلقاة على عاتقها.

وقوله: « وأد البنات »وأد البنات عادة جاهلية، وهي دفن البنات وهنَّ أحياء تخلُّصًا من عارهنّ، فلقد كان أهل الجاهلية يكرهون البنات، ويحبون البنين، وتبريرهم لذلك أنَّ الأنثى لا تركب الخيل، ولا تحوز الغنيمة، ولا تحمي القبيلة، وإنما تكون عارًا عليهم فيما لو وقعت في الأسر أثناء الغارات والحروب، ولهذا كان بعضهم يتخلَّص منها بدفنها وهي حيَّة في التراب، نجاةً من العار الذي يتهددهم بسببهن، ولقد قال سبحانه وتعالى مستنكرًا فعلهم: ﴿وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ ٨ بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ [التّكوير: 8-9].


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6138)، ومسلم رقم (47).