وقوله صلى الله عليه وسلم: « وكَرِهَ لكم قيلَ وقال » وهذا محل الشاهد،
أي: كره من كان همُّه نَقْل الكلام دُون أن يَنسبه إلى قائله، وهذا فيه تنبيه على
وجوب تجنب التسرُّع بنقل الأخبار لما فيه من هتك الأستار، وكشف الأسرار، لأنَّ هذا
ليس من دَأْب الأخيار، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من حُسن إسلام المرء تَرْكُه
ما لا يَعْنيهِ » ([1])، والله سبحانه
ستَّار، والسِّتر لا يحصل مع كثرة نقل الأخبار.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
« وكثرةَ السُّؤال » هل المراد بكثرة
السؤال في العلم أم المال؟ والحقيقة المقصود الأمران معًا، فالأصل في المسلم أن
يسأل عمّا يستفيد منه وما ينفعه في حياته وفي دينه وعبادته، ويسأل بقدر الحاجة،
ولا ينبغي أن يتكلف المسلم بالسؤال، ويُكره له أن يسأل عمّا لم يقع من المسائل فيما
لو وقعت، وكذلك يُكره له التنطع والتَّعالي، أو أن يسأل بهدف إحراج المسؤول، أو من
أجل أن يظهر علمه.
وقد عاب الله تعالى على الذين يسألون عن أمور لا تنفعهم، ولهذا كانت الإجابة لما سألوا عن الأهلَّة، أي: سألوا عن صغر الهلال وكبره، فما أجابهم الله عن ذلك، وإنما أجابهم بمنافع الأهلة وأنَّ المناسب أن يسألوا عنها، فقال سبحانه: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ﴾ [البَقَرَة: 189]، وكذلك لمّا سألوا عن الساعة، قال سبحانه: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَا ٤٢ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكۡرَىٰهَآ ٤٣ إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَىٰهَآ ٤٤ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخۡشَىٰهَا﴾ [النَّازعَات42-45]:، فلا فائدة من معرفة
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2317)، وابن ماجه رقم (3976)، وأحمد رقم (1737).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد