وعن عبدِ
الله بن عَمرٍو رضي الله عنهما مرفوعًا: «إنَّ الله يُبغِضُ البَليغَ مِنَ
الرِّجال الذي يَتَخلَّلُ بلسانِهِ كما تتخلَّلُ البقرةُ». حسَّنه الترمذي ([1]).
****
ودحر الباطل، فهذا
بيان ممدوح، وأمّا إن كان يستعمل للوقيعة بين الناس ونصرة الباطل، وقلب الحقائق،
والتحريض على ولاة الأمور فهو مذموم. قال الشاعر:
في زخرف القول تزيين
لباطله *** والحق قد يعتريه سوء تعبير
تقول هذا مُجاج
النحل تمدحه *** وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحًا وذمًا وما
جاوزت وصفهما *** قولُ البليغ يجعلُ الظلماء كالنور
قوله: « البليغ من الرجال »أي: المظهر للتفاصح تِيْهًا على الغير واستعلاءً
ووسيلةً إلى الاقتدار على تصغير عظيمٍ، أو تعظيمِ حقيرٍ، أو بقصد تعجيزِ غيره، أو
تزيين الباطل في صورة الحق، أو عكسه، أو لأجل إجلال الحكام له ووجاهته وقبول
شفاعته.
وقوله صلى الله عليه وسلم: « يتخلَّل بلسانه »: هو الذي يُدير لسانه حول أسنانه وفمه حال
التكلُّم كما تفعل البقرة بلسانها حال الأكل، وخصَّ البقرة من بين البهائم بالذكر،
لأنَّ سائر البهائم تأخذ النبات بأسنانها أما البقرة فهي لا تحتشُّ إلاّ بلسانها.
وهذا الكلام ليس على إطلاقه يعني: لا يشمل كل بليغ إنما المقصود الذي يتِّخذ من لسانه سببًا للكسب وأكل أموال الناس، فيمدح من لا يستحق، ويذم من لا يستحق، وينافق ويداهن، وكل هذا من أجل التكسب فقط لا من أجل إحقاق حقٍّ، أو إبطال باطلٍ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (5005)، والترمذي رقم (2853)، وأحمد رقم (6543).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد