×
شرح كتاب الكبائر

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ تعلَّم صَرْفَ الكلامِ ليَصرفَ به قُلوبَ الرِّجالِ أو النَّاس، لم يَقبَلِ الله منه صَرْفًا ولا عَدْلاً» رواه أبوداود ([1]).

ولأحمد([2]) عن معاويةَ رضي الله عنه: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذين يُشَقِّقُونَ الكلامَ تَشْقيقَ الشِّعْر.

****

 قوله صلى الله عليه وسلم: « مَن تعلَّم صَرْفَ الكلام » أي: ما يتعلَّمه من الزيادة، والتكلُّف فيما هو غير ضروري، وإنما كُره هذا لما يدخله من الرِّياء، والتصنُّع ولما يخالطه من الكذب والتزيد.

وهذا الحديث كالذي قبله جاء في بيان أن الإنسان إذا أعطاهُ الله فصاحة وبلاغة، أو أنَّه تعلَّم صَرْف الكلام، أي: تكلُّفه والزيادة فيه، فإنَّه لا يَحِلُّ له أن يستخدم هذا كلَّه في خداع الناس وتضليلهم وتغيير الحقائق، فإن فعل ذلك « لم يقبل الله منه صَرْفًا » يعني: فَرْضًا،« ولا عَدْلاً » يعني: نافلة، وقيل: فِدْيةً، يعني: لا يقبل الله منه يوم القيامة أن يفتدي نفسه من العذاب.

هذا الحديث جاء فيه اللَّعن لمن« يُشقِّقون الكلام »، أي: يلوون ألسنتهم بألفاظِ متكلِّفة يمينًا وشمالاً، استعلاءً على الغير. واللَّعن يدل على أنه كبيرة، فمن الكبائر أن يشقِّق المرء الكلام من أجل استمالة الناس لصرفهم لهواه ورغباته.

وتشقيق الكلام لا سيَّما عند الخطيب أو المتكلم الذي يتكلف الكلام الموزون والسَّجع، حرصًا منه على التفاصح واستعلاءً على الغير تِيْهًا


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (5006).، والبيهقي في «الشعب» رقم (4620).

([2])أخرجه: أحمد رقم (16900).، والطبراني في «الكبير» رقم (848).