×
شرح كتاب الكبائر

 رفق زانه هذا الرِّفق، إذ هو سببٌ لكلِّ خيرٍ، فإن نُزع منه « شانَه » أي: صارت أعماله شينة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث لعائشة رضي الله عنها وقد ركبت بعيرًا فيه صعوبة فجعلت تضربه، فقال يصف ربَّه أنه: « رفيق يُحبُّ الرِّفق في الأمر كلِّه » ([1])، أي: سبحانه وتعالى ويلطف بهم، وهو سبحانه إن أسرع العباد إليه بالمعصية لم يعاجلهم بالعقوبة، بل يُمهلهم ويفتح لهم باب التوبة، ولذلك يجب على الدُّعاةِ أن يتخلَّقوا بهذا الخُلق، فيرفقوا بالناس، ويتصبَّروا عليهم، ويرفقوا بهم حتى يأخذ الله بنواصيهم إلى الخير.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: « ألا أُخبركم بمَن يَحرُم على النار، أو بمَن تَحرُم عليه النارُ، على كل قريب  هيِّن سَهلٍ » ٍالتحريم هنا معناه: المَنْع، وسُمِّي الحرام حرامًا لأنه ممنوع، والمعنى: أن الذي يَحرُم على النار ولا يصله من عذابها شيء، فتُمنع النار مِنْ أن تُعذِّبه، وهذا الذي تُمنع النار من تعذيبه هو الهيِّن، يعني: الوقور السهل المحبَّب القريب، فهو قريب في تعامله مع إخوانه، قريب في مكانه، لا يترفَّع على الناس، ولا يمتنع عن الاختلاط بهم وقضاء حاجاتهم، والتوسط لهم عند الآخرين.

والهيِّن: هو الرَّفيق في تعامله، فلا يعامل الناس بغلظه وشدَّة، وإنما يتواضع لهم، قال سبحانه:  ﴿وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ [الحِجر: 88].


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6927)، ومسلم رقم (2593).