الخير، فالبِرُّ
والتَّقوى والإيمان كلُّها بمعنًى، والبِرُّ من أعلى مراتب الدِّين، وهو يهدي إلى
الجنَّة، أي: إنَّ الالتزام به سببٌ في دخول الجنَّة، ثم إنه بعد ذلك يستحق وصف
الصِّديقيَّة، وهي درجة عالية من درجات الإيمان، قال الله تعالى: ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ
ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ
وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا﴾ [النساء: 69]، فهم بعد النبيِّين في الدرجة، فالأصل في المسلم أن يُربِّي ويُوطِّن نفسه
على الصِّدق في القول والعمل حتى يألفَه، فيكون في زُمرة الصدِّيقين، فلقد سُمِّيَ
الصدِّيق أبوبكر بذلك لكثرة صدقه وتوطين نفسه عليه، ففاز بهذا اللقب رضي الله عنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: « الكذب يهدي إلى الفجور » أي: إن المرء إذا أصبح الكذب عادةً له، فإنَّ هذا
الكذب سيقوده إلى الميل عن الاستقامة والانبعاث في المعاصي، والخروج عن طاعة الله،
ومن ثم فهو طريق إلى النار، والفاجر لا تُقبل منه شهادة ولا يُستأمن، والناس لا
يُصدِّقونه في كلامه، فيصبح عند الناس ساقط المنزلة، وهو عند الله كذّابًا.
والحاصل أنَّ الصِّدق وسيلةٌ لدخول الجنة، والكذب وسيلةٌ لدخول النار، فعلى المرء أن يتنبَّه لنفسه من هذه الآفة القاتلة، لا سيَّما في زمانٍ انتشر فيه الكذب وتهاونَ الناس فيه، فلا غَضاضة عند أحدهم إن كذب حتى يحصِّل منفعة أو مصلحة، فقد يكذب أصحاب الهوى ليفرِّقوا بين الناس بعضهم عن بعض، أو بين الرعيَّة والراعي، فليحذر المسلم من ذلك أشدَّ الحذر.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد