×
شرح كتاب الكبائر

وفيه ([1]) عن صَفْوَانَ بنِ سُليمٍ قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكونُ المؤمنُ جَبانًا؟ قال: «نعم» قيل: أيكونُ المؤمنُ بَخيلاً؟ قال: «نعم». قيل: أيكونُ المؤمنُ كذَّابًا؟ قال: «لا».

وللتِّرمذيِّ ([2]) وحسَّنه عن ابن عُمرَ: «إذا كَذبَ العبدُ تباعَدَ عنه المَلَكُ مِيْلاً من نَتْنِ ما جاءَ به».

****

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: « لا يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب، فيُنكت في قلبه نُكتة سوداءُ، فيَسْوَدُّ قلبُه، فيُكتب عند الله من الكاذبين » هذا كالحديث الذي قبله، لكن فيه إضافة على ما تقدم: وهو أنه « يُنكت في قلبه نُكتة سوداءُ حتَّى يسودَّ قلبُه » والعياذ بالله، والنُّكتة السوداء: هي الأثر أو النُقطة السوداء تشبه الوسخ على المرآة، فكل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نَكْت ونُكْته، والمراد بها هنا: سواد القلب.

قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: « نعم » قيل: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: « نعم »قيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: « لا » معناه إنَّ المؤمن قد يكون جبانًا، أي: بالطبع فهو شيء نفسي لا يُعاقب عليه، وقد يكون بخيلاً بالطبع، لأنَّ النفس مجبولة على حب المال، قال سبحانه: ﴿وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا [الفَجر: 20]، فهي صفة نفسية ليست من اكتسابه، ولكنه يستطيع أن يتغلَّب عليها بالمجاهدة وحَمْلها على التصدُّق والإنفاق، وهو غير مؤاخذ بذلك، إلاّ إذا حمَلته هذه الصفة أن يَمنع الواجب كإخراج الزكاة والإنفاق على من يَعُول، أما أن يكون المؤمن كذّابًا فلا؛ لأنَّ الكذب صفة للمنافقين، قال


الشرح

([1])أخرجه: مالك رقم (3630).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (1972).