×
شرح كتاب الكبائر

إلاَّ وَرّى بغيرها([1]) وهذا من السياسة الحربية، فيجوز الكذب في الحرب على العدو لمصلحة المسلمين، وكذلك يجوز الكذب على الزوجة من أجل دوام العشرة كأنْ يقول الرجل لزوجته بأنه يُحبها، ويُريد أن يشتري لها أو يَصنع لها أمرًا وهو لا يريد أن يفعل، إما لقِلة ذات اليَدِ، أو لعدم إمكانية تحقيق ذلك، وهي تقول له بأنها تحبه، وأنه أحبُّ الناس إليها، فإنَّ هذا لا بأس به، ويكون من أسباب دوام العشرة وبقاء المحبة.

فدلَّ الحديث على أن الكذب محرَّم إلاّ في هذه الخصال الثلاث لرجحان المصلحة وقد مضى ذكر اثنتين، والثالثة أن تصلح بين اثنين متخاصمين أو جماعة، فتسعى بينهم بالإصلاح، وتستعمل الكذب للتقريب بينهما حتى يحصل الصلح، هذا من الكذب المباح.

هذا الأصل في المسلم أن يسعى لإطفاء نار العداوة بين إخوانه، فإن« فساد ذات البَيْن هو الحالقة » كما ورد في الحديث([2])، وللأسف تجد بعض الناس بَدَل من أن يُصلحوا بين المتصارعين يكونون عونًا للشيطان على أخيهم، لأنَّ الشيطان هذا دأبه، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ [المائدة: 91]، وقـد يقع هذا كثيرًا ولا سيما بين طلبة العلم والعلماء، فينتج عن ذلك إشعال نار الفتنة وتقسيم الناس إلى أحزاب، كل حزب يسبُّ الآخر، وبالتالي وتحصل الفرقة بين المسلمين، وتشتعل العداوة بينهم، فالفرقة مرتع خصب للشيطان.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2947)، ومسلم رقم (2769).

([2])أخرجه: أبوداود رقم (4919)، والترمذي رقم (2509)، وأحمد رقم (27508).