×
شرح كتاب الكبائر

المدينة في قلوبهم مرض وشك، نعم كانوا يخوِّفون الناس ويثبطونهم ويفتِّرون من عزائمهم ويقولون: إنَّ ما أنتم فيه من الحصار والخوف دليل على كذب هذا الرجل فيما يقول، ولكنَّ الله تعالى فضحهم وأخزاهم وتوعدهم، فقال:﴿لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ [الأحزَاب: 60]، أي: بنشر الشائعات من أجل إرجاف المسلمين وإخافتهم، وإن لم ينتهوا عن هذا، فإن الله سيسلط عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم لا يجاورونه في المدينة، فيطردهم منها بأمر الله تعالى، فقال: ﴿لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا ٦٠ مَّلۡعُونِينَۖ [الأحزَاب: 60-61] أي: مطرودون من المدينة ومن رحمة الله عز وجل، وقوله: ﴿أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا ٦١ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ[الأحزَاب: 61-62]، أي: عادة الله في الأمم السابقة الكافرة، فقد محقها الله وأهلكها، وهؤلاء مِثْلُهم إنْ لم يتوبوا وينتهوا، وهذا تهديد ووعيد من الله عز وجل.

فالحاصل أن مرض القلب خطير، لأنه تنشأ عنه هذه الآفات الخطيرة. كالإرجاف وتخويف الناس، ونشر الشائعات، وفي هذا يقول تعالى:﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ [النُّور: 19]، فإذا سمعوا شائعة أو خبرًا سيئًا طاروا به فرحًا وأشاعوه بين الناس دون تثبت، وذلك للتفريق بين المسلمين، وهذا يؤثر على ضِعاف الإيمان، ويَصُدُّ عن سبيل الله، فالله عز وجل هدّدهم وتوعدهم على ذلك، والدافع لهم على ذلك هو مرض قلوبهم الذي سبَّب لهم هذه الآفات الخبيثة، نسأل الله العافية.

*****


الشرح