يستطيع أحد أن يمنعك
من أن تنكر المنكر بقلبك وتكره المعصية بقلبك، لأنه ما من أحد له سيطرة على قلب
الإنسان إلاَّ الله عزّ وجلّ، وقد اعتُبر الإنكار بالقلب من التغيير؛ لأنه بداية
للتغيير باللسان واليد، فإن من لم ينكر بقلبه، فإنه لن ينكر بلسانه ويده. والإنكار
بالقلب لا يعجز عنه أحد، كلٌّ يستطيعه.
وأما الإنكار باليد
واللسان فهو حسب الاستطاعة، فإنكار المنكر بالقلب كلٌّ يستطيعه، وعلامة إنكار
المنكر بالقلب هو الابتعاد عن المنكر، أما إذا لم يبتعد عنه، فإنه يعتبر راضيًا
به، وإذا كان منكرًا بقلبه فإنه يبتعد عنه، ولا يجالس أهل المنكر ولا يحبهم، وعليه
أن ينصحهم، ويدعوهم إلى الله عز وجل أما إذا كان يجالسهم ويقول: أنا أنكر في قلبي،
فهذا ليس بصادق، فإنَّ بني إسرائيل كان ينهى بعضهم بعضًا عن المعصية، ثم بعد ذلك
يجالسون ويؤاكلون ويشاربون العاصي، فلما رأى الله ذلك منهم، ضرب قلوب بعضهم ببعض،
ولعنهم على لسان داود وعيسى عليهما السلام، قال تعالى: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ
دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ
٧٨ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾ [المَائدة: 78-79]، وقد بيَّن النبي صلى
الله عليه وسلم هذه الآية بأن أحدهم كان يَلْقَى أخاه على المعصية فينهاه، ثم
يلقاه فينهاه، ثم بعد ذلك يترك النهي ثمُّ يجالسه ويشاربه، فلما رأى الله ذلك منهم
لَعنهم على لسان داود وعيسى عليهما السلام، وهذا أمر واضح، فإنَّه لا بُدَّ من
إنكار المنكر بالقلب، وأن علامة ذلك أن يبتعد عن مواطن المنكرات ولا يجالس أهلها
ولا يستأنس بهم، وإنما يجلس معهم من أجل أن ينهاهم، ويدعوهم
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد