×
شرح كتاب الكبائر

 إلى التوبة وإلى الرجوع إلى الله، أما الاستئناس بهم فقد رتَّب الله عليه اللعنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «كلا والله لتأمرنّ بالمعروف ولتنهوّن عن المنكر، ولتأخـذنّ على يد الظالم، ولتأطرنَّه على الحق أطرًا، ولتقصرنّه على الحق قصرًا، أو ليضربنَّ الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم»([1]).

والحاصل أن الإنكار باليد يحتاج إلى سلطة، وهذه مهمة الولاة والإنكار باللسان يحتاج إلى قدرة وهذا من مهمة العلماء فيبقى الإنكار بالقلب، وهذا الكل يستطيعه، ولا يستطيع أحد أن يمنعك منه.

أما حديث مسلم الذي في أول الباب وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن» فالأمرُ بالمعروف مرتَّب حسب الاستطاعة، وأول ذلك التغيير باليد، وهذا هو المقصود بالجهاد، وهذا يكون فاعله قد اكتسب صفة المؤمن، ثم التغيير باللسان، وهذا كذلك يكون فاعله قد اكتسب صفة المؤمن، ومعناه البيان والتحذير والنهي عنه.

ثم قال: «ومن جاهدهم بقلبه» أي: كره ما هم عليه، ولم يقدر على الأمرين الأوَّلين وهما التغيير باليد أو اللسان، فأنكر بقلبه، وهذا كلٌّ يستطيعه فمن كره بقلبه فهو مؤمن إذا ابتعد عن أهل الشر، فلا يكلف الله نفسًا إلاّ وسعها، فهو مؤمن، ولكن من خلا من هذه الخصال الثلاث تجاه المنكر، فلم ينكر بيده، ولا بلسانه ولا بقلبه، فليس في قلبه من الإيمان حبة خردل، فدلَّ على أنه لا بد من الإنكار ولو بالقلب،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4336)، والترمذي رقم (3047)، وأحمد رقم (3713).