×
شرح كتاب الكبائر

وكلُّ أحد يستطيع ذلك، وأما باليد وباللسان، فهذا بحسب الاستطاعة، فإذا لم يستطع فقد سقطا عنه، أما الإنكار بالقلب فلا يسقط عنه بحال.

وقوله: «ما من نبي بعثه الله في أُمَّةٍ قبلي إلاّ كان له من أمته حواريون» المقصود بالحواريـيِّن: الأتباع والتلاميذ، ومنهم الحواريون الذين كانوا مع المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام الذين أخذوا عنه واستنُّوا بسُنَّته واهتدوا بهديه، وهذا سَمْتُ الأنبياء وأتباعهم جميعًا عليهم السلام، ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان له حواريون، وهم أصحابه الذين صحبوه واتبعوه وحملوا عنه العلم والدعوة والجهاد، ثم يجيء من بعدهم خلوف كما قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ [مَريَم: 59]، خلوف: جمع خَلْف بإسكان اللام وهم مَن لا خير فيهم من الناس، فأما «الخَلَف »بالفتح فهو محمود، وقال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٞ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا[الأعرَاف: 169]، وهذا ذمٌّ لهم، فهم قد رضوا بالدنيا، وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقولون ما لا يفعلون، وتتكلم ألسنتهم بالعلم والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهم يقولون بألسنتهم، ما لا يفعلونه بجوارحهم، والأصل فيمن يتكلمون بالعلم أن يلتزموا بما يقولون، وأن يكونوا أول من يعمل بذلك، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ [الصَّف: 2]، وقد قال الله لبني إسرائيل: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ[البَقَرَة: 44]، فالواجب على العالم والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى الله أن يكون هو


الشرح