أول من يَمتثل ما
يصدر عنه من أقوال، ويكون هو القدوة الصالحة، فالشاعر يقول:
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتي مِثْلَهُ ***
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
فكيف تنهى عن خُلقٍ
وتفعل مثله! هذا عارٌ، نعم من العار أن تنهى عن أمر قبيح، ثم تفعل مثله.
فعلى المسلم أن يكون
متَّبعًا لا مبتدعًا، فلا يفعل إلاّ ما أمر الله به ورسوله، ولا يُحْدِث شيئًا من
عنده، قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ »([1])، وفي رواية: «من
أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ»([2])، وقال صلى الله عليه
وسلم: «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»([3])، وقد قال عز وجل: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ
تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ
ذُنُوبَكُمۡۚ﴾ [آل عِمرَان: 31]. فالمبتدعة يقولون ما لا يؤمرون.
فهؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، «من جاهدهم»، أي: من أنكر عليهم، وهو نوع من أنواع الجهاد، فالجهاد يكون باللسان والسلاح، قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ﴾ [التّحْريم: 9]، فالكفار يجاهَدون بالسلاح، وأمّا المنافقون فيجاهَدون باللسان، ينكرُ عليهم ما يفعلون من المعاصي بالقول والكتابة
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1718).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد