×
شرح كتاب الكبائر

وكان معاذ رضي الله عنه يقول في مجلسه كلَّ يوم قلَّما يخطئه: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هَلَك المُرْتابون([1]).

****

 معاذ بن جبل رضي الله عنه صحابي جليل، وهو أعلم الصحابة بالحلال والحرام بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ([2]).

قوله: «الله حكم» أي: أن الله يحكم بين عباده، قِسْطٌ: عدل، أمّا المخلوق فإنه يكون عنده جور وظلم وهوى، أما الله فإنه حكم قِسْط، قال سبحانه:﴿فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ [المَائدة: 42] أي: بالعَدل. فهناك القِسْط وهناك القَسط والقُسُوط: وهو الجور، يقال: قَسَط، يَقْسِط قُسوطًا وقَسْطًا فهو قاسط، أي: جائر، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا[الجنّ: 15]، أي: الجائرون، أما المُقْسِط فهو العادل، يقال: أقسط فهو مُقْسِط، أي: عادل، والله عز وجل حَكَم قِسْطٌ، يعني: عادل.

وقوله: «هلك المرتابون» هذا هو الشاهد هنا، فالمرتاب: الذي يشك في حكم الله، فهو كافر بربه عز وجل فهو إذن هالك في دينه ودنياه وآخرته، فالمؤمنِ لا يتهم الله عز وجل في حكمه وقضائه وقَدَرِه، فمن فعل ذلك، فشكَّ وتردَّدَ وظنَّ بالله ظن السوء وظن بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الأمر عنده يحتمل الخطأ والصواب، فهذا هو الشاكُّ بربِّه عز وجل  وبنبيه صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4611)، وعبد الرزاق في «مصنفه» رقم (20750).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (3790)، وابن ماجه رقم (155)، وأحمد رقم (12904).