×
شرح كتاب الكبائر

يختبرهم بالمصائب، فإن رضوا بقضاء الله وقدره، فإنَّه عز وجل يرضى عنهم، ويجعل المصائب مِنحًا لهم، ويُصيِّر المِحنَة مِنْحة، فتكون خيرًا لهم، فهم من بعد اختباره لهم يتبيَّن موقعهم من هذا الابتلاء، ولهذا قال: «فمن رضي فله الرضا»  فهم رضوا بقضاء الله وقدره، والجزاء من جنس العمل، «ومن سخط»  بقضاء الله وقدره وجزع، فعليه «السخط»  من الله تعالى.

وهذا الحديث فيه إثبات لبعض صفات الله عز وجل كالمحبَّة والرِّضا والسخط، فيرضى على أهل الإيمان الذين رضوا بالقضاء والقدر، ويسخط على أهل الجزع الذين لم يرضوا بقدره.

وفيه أنَّ الابتلاء علامة من علامات محبة الله للعبد الذي يرضى بقضائه، فالمؤمن يعلم أن المصائب من الله، وأنَّ الله لم يقدّرها عليه لأنه يكرهه، وفي هذا دليل آخر على أن المصائب ليست علامة على بغض الله للعبد، وإنما هي دليل على محبته له، ليمحِّص ذنوبه، ويكفِّر عنه سيئاته، أما غالب الكفار فإنهم يُستدرجون في هذه الدنيا، ولا يصيبهم ما يكرهون، ويفرحون في هذه الدنيا، ثم يفجؤهم القدر فيؤخذون على غِرَّة، والعياذ بالله. أما المؤمن، فإنه يُبتلى لأجل أن يخرج من هذه الدنيا وقد غُفرت له ذنوبه، ونال قسطه من الجزاء في الدنيا، فيخرج منها نقيًّا مطهَّرًا من ذنوبه وسيئاته، ويخرج الكافر محمَّلاً بذنوبه وسيئاته، ولذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم حال المؤمن فقال: «مثل المؤمن 


الشرح