×
شرح كتاب الكبائر

خاصّة في هذا الزمان، فهم بحاجة ماسَّة لمن يرشدهم إلى الطريق الصحيح والمنهج السليم. وأما الذين يذهبون إلى البلدان للدعوة ويتركون أهل بلدهم فهم مخالفون للمنهج الصحيح في الدعوة.

فدلّت هذه الآية على أنه لا يجوز للإنسان أن يعلّم أو يدعو إلى الله دون أن يتفقه، ويظهر هذا في قوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ [يُوسُف: 108] فالبصيرة هي: العلم، وقال: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ [النّحل: 125]، والحكمة: هي الفقه والعلم والفهم.

وفي هذا الحديث الذي رواه أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وابن عباس رضي الله عنهم حيث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» إثبات الإرادة لله وأنها صفة من صفاته، والإرادة قسمان:

القسم الأول: إرادة كونية قدريَّة، وقد قال تعالى مثالاً على هذه الإرادة الكونية: ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا [الإسرَاء: 16].

والقسم الثاني: إرادة شرعية دينية كما في قوله تعالى:﴿وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا[النِّسَاء: 27]، والإرادة الكونية لا بُدَّ من وقوعها، أما الإرادة الشرعية، فقد تقع، وقد لا تقع.

قد اشتمل هذا الحديث على الإرادة الكونية، فإذا أراد الله بعبده الخير إرادة كونية، فإنه يوفقه للتفقه في الدين، ومن لم يرد به خيرًا فإنَّه لا يفقهه في الدين، ويحرمه من العلم، والحرمان من العلم الشرعي


الشرح