×
شرح كتاب الكبائر

ويدخل كذلك في هذا الوعيد: الذين يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مبلِّغ عن الله، فلا يجوز أن يُكذب عليه صلى الله عليه وسلم في الحديث، فتنسب إليه أحاديث لم تصدر عنه صلى الله عليه وسلم ولا سيّما مِن قِبَل الوضاعين الذين يضعون الأحاديث المكذوبة عليه صلى الله عليه وسلم لأغراض دنيوية، إما لأجل أن يتظاهروا أمام الناس بالعلم، أو لنيل مطامع يأخذونها من الناس، أو يضعون الأحاديث ليفسدوا الدين على المسلمين مثل الزنادقة والملاحدة، ويدخل في هذا الذين يضعون الأحاديث لنصرة مذهبهم، أو ليؤلفوا بين أفراد جماعاتهم وأحزابهم، أو ليرغِّبوا الناس في الخير كما فعل بعض الجهلة حيث قالوا: نحن نكذب للرسول لا عليه، وذلك حينما رأوا الناس متكاسلين عن فعل الخير فراحوا تارةً يضعون الأحاديث التي تحث على أمر ما وترغِّب فيه، وتارة يضعون أحاديث في الترهيب من فعل المعاصي والمنكرات، وهذا كلُّه كذب محض، فالتحليل والتحريم لا يجوز أن يصدر إلاّ من الله عز وجل بالقرآن وبما صحَّ من الحديث من رسوله صلى الله عليه وسلم: بل إنَّ بعضهم ذكر: أنه رأى الناس لا يقرؤون القرآن ولا يقبلون عليه، فوضع أحاديث في فضائل السور والآيات ليحثَّ الناس على قراءته، وهذا أعظم الكذب بعد الكذب على الله عز وجل.

ولكنَّ الله عز وجل حمى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما حمى القرآن الكريم من التحريف والزيادة والنقصان، فقيّض للحديث حفَّاظًا متقنين نقَّادًا، ينقدون الحديث ويبينون الزائف من الصحيح، وكل ذلك مدوَّن في كتب الجرح والتعديل، وهذا من حفظ الله لهذا الدين، كما قال تعالى:


الشرح