×
شرح كتاب الكبائر

ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» وهذا تهديد ووعيد شديدين، لأنَّ قوله: «فليتبوأ مقعده من النار»([1]). معناه: فليتخذ من النار مكانًا ومَباءة يُحشر فيها ويعذب بها، والمباءة: هي المكان، وهذا فيه تهديد ووعيد شديد كما ذكرنا لمن كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا يجب على الإنسان أن يتحرز حينما يذكر حديثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته أو درسه أو موعظته وإذا لم يكن متأكِّدًا من صحة الحديث، فليقل: يُروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو ورد كذا وكذا، فيأتي بصيغة التمريض لا بصيغة الجزم، فلا بد من هذا حتى يعرف الناس أنَّ هذا الحديث محل نظر، أما إذا قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا على طريقة الجزم، فلا بُدَّ من التأكد من صحة الحديث المذكور.

وأمّا ما روى «مسلم» عن سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعًا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حدَّث عني حديثًا يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين» فهو دليل على عدم جواز رواية الأحاديث التي نرى أنها كذبًا، فلا تقل: هذا على ذمّة غيري، أو هو موجود في الكتب، فما دمت ترى أنه كذب ولو كان موجودًا في الكتب، فلا يجوز لك أن ترويها، لأنك تكون ‑ والحالة هذه ‑ أحد الكذابين أو أحد الكاذبَينِ، بالتثنية، أي: الذي رواه والذي نقله وهو يعلم أنه كذب، فيكونا كاذبينِ، فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، سيَّما وأننا نرى الآن في هذه الأيام بعض طلبة العلم الذين يصحِّحون الأحاديث ويتناقلونها أو يضعِّفونها وهم غير


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1291)، ومسلم رقم (4).