×
شرح كتاب الكبائر

وأما الآية التي أوردها المصنِّف رحمه الله في أول هذا الباب، وهي قوله تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ [الأعرَاف: 33] الفواحش: جمع فاحشة، وهي: المعصية المتناهية في القُبح، ﴿مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ ما ظهر للناس من الفواحش، ﴿وَمَا بَطَنَ منها بين العبد وبين الله، فكلُّه سواء، فعلى الإنسان أن يتجنب الفواحش في كل أحواله سواء كان بين الناس، أو كان خاليًا، فإن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، لأنَّ بعض الناس يتورَّع إذا كان يراه أحدٌ من الناس، فيتجنَّب ما لا يليق به، فإذا ما خلا بنفسه تجرأ على المعاصي، وهذا في الحقيقة إنما يخشى الناس ولا يخشى الله تعالى، لأنَّ الذي يخشى الله حقيقة، هو الذي يخشاه في الغيب والشهادة، وفي السرِّ والعلن قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ ١٢ وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ [المُلك: 12-13]. أمّا الإثم: فهو جميع المعاصي لأنها تؤثِّم صاحبها، والبغي: هو التعدّي على الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم، فالبغي حرام، ثم قال: ﴿بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ [الأعرَاف: 33] أما إذا كان ذلك قصاصًا فهو حق كما قال سبحانه: ﴿وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ [الشّورى: 40] فالقاتل يقتل قصاصًا.

وأمّا قوله تعالى: ﴿وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ [الأعرَاف: 33]، فهذا أعظم المحرمات، كما أنَّ التوحيد هو أعظم الواجبات. والشرك بالله: هو أن تجعل معه شريكًا في عبادته كدعاء غير الله، والاستغاثة بغيره فيما


الشرح